Published On: sam, Déc 17th, 2016

Lamiaa Bazir une femme qui honore le Maroc moderne

Share This
Tags
 hamodi

( لمياء بزير) امرأة من بلدتي الصغيرة.. مفخرة المغرب الحديث !!

سعدت أمس الجمعة 16 دجنبر 2016 بحضور الآنسة لمياء بزير، إحدى قدماء تلميذات الثانوية الفرنسية جان شاركو بالجديدة ،ضيفة على المؤسسة ،لتقديم مداخلة بمدرج مركز التوثيق والاعلام (مريم شديد)، سلطت من خلالها طيلة ساعة ونصف ،أمام تلاميذ السنتين النهائيتين لسلك التعليم الثانوي ،بعض الأضواء على مسارها الأكاديمي والمهني ،بعد حصولها بميزة (حسن جدا) على شهادة الباكالوريا. ويندرج هذا النشاط التربوي في إطار حرص إدارة المؤسسة على فتح جسور التواصل بين الأجيال المختلفة التي تعاقبت على الفصول الدراسية لهذه الثانوية العتيدة،بهدف المساهمة في فتح آفاق التوجيه التربوي والأكاديمي أمام التلاميذ ،ومساعدتهم على رعاية مشاريعهم الشخصية المتعلقة بتعرف مسارات مستقبلهم المهني، والمتطلبات المتجددة لسوق الشغل اليوم.
والحق أن المتتبع لمسار هذه الشابة البهية ،المعتزة بهويتها المغربية وبروحها الوطنية العالية ، وبرغبتها الحثيثة في المساهمة الميدانية في تنمية بلدها والالتفات لهوامشه الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية المنسية ،وفاء لانتماء وجداني وحضاري لمغرب آخذ في النهوض والتحول،لا يسعه إلا أن يفتخر بالكفاءات العالية التي يزخر بها الوطن ،والتي يحدث أن لا نلتفت إليها ،فقط لأنها متواجدة بين ظهرانينا ولم تفضل الهجرة ووضع طاقاتها في خدمة دول أجنبية،مثلما فعل غيرها- وهم كثيرون – ،اقتناعا منهم بأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة ،وأن مطرب الحي لا يطرب،وأن جحود بعض المسؤولين قد جعل البلد قطة تأكل أبناءها وبناتها لتعيش الأسوار.
لقد غادرت لمياء بزير مسقط رأسها مباشرة بعد حصولها على شهادة الباكالوريا ،لتلتحق بجامعة الأخوين ،حيث قطعت سنوات التعليم العالي بها بدون خطأ، بل وبالتخرج منها على رأس دفعتها بمعدل استثنائي غير مسبوق إليه حتى حدود كتابة هذه السطور.وقد سمح لها تواجدها بمدينة يفرن بشحذ وعيها الفكري والحسم في رسم أفق العمل الجمعوي الذي ينتظرها ، بعد الاطلاع عن كثب بحسها الانساني والاجتماعي على التهميش الذي يعاني منه ساكنة جبال الأطلس ،خاصة نساؤها ،والعزلة الحضارية التي يعانون ويلاتها من هشاشة اقتصادية وفقر مذقع وانقطاع كلي عن ماجاريات العالم،فقط بسب مكر الصدف ومقالب التاريخ والجغرافيا الوطنيين ،اللذان ألقيا هذه الفئة التي تمتلك طاقات هائلة ، في المكان والزمن الخطأين ، فقط لأنها تفتقر لأدوات ووسائل العمل الضرورية.
وفي سبيل تعميق تخصصها في شعبة العلوم الانسانية والاجتماعية ،شدت لمياء الرحال إلى بلد العلم والأنوار باريس ،حيث حصلت على ماستر في التنمية الدولية والعلوم السياسية .غير أن شغفها بالتميز والارتقاء درجات إضافية في سلم المعرفة والتعلم دفعاها لعدم الاستكانة للمنهل الفرنسي ،والاغتراف من مورد علمي أمريكي ،تمثل في جامعة كولومبيا الشهيرة بنيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية ،سيرا على خطى أعلام الفكر ونجوم السياسة الذين مروا منها أمثال باراك أوباما وإدوارد سعيد حتى لا نذكر غير العظماء، حيث حصلت على شهادة ماستر أخرى في الشؤون الدولية.
وخلال حضورها لنشاط ميداني نظمته جامعتها بمقر الأمم المتحدة ،لفتت تدخلاتها المتميزة خلال النقاشات أنظار المسؤولين الأمريكيين فما كان منهم إلا أن بادروا إلى انتدابها لتمثيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بنيويورك لمدة سنة.ولم تنس لمياء خلال إقامتها بأمريكا نساء جبل الأطلس وشبابه الذين ارتبطت بهم وجدانيا وانسانيا،والوعد الذي ضربته على نفسها ،بالعمل على فك العزلة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المفروضة على جزء حيوي من ساكنة المغرب ،فنظمت أعمالا وأنشطة خيرية جمعت من خلالها موارد مادية وعينية لتجهيز بعض مدارس القرى،كما عملت على مد جسور التواصل الحضاري والثقافي بين شباب الأطلس وشبان بعض الدول الاسكندينافية . وقد زاد من تمرس لمياء واكتسابها لخبرة مهنية عالية ،اشتغالها بعد ذلك لفائدة منظمة ترانسبرانسي الدولية ،وجامعة الدول العربية كذلك،كما اضطلعت بمهام ميدانية بدولة النيجر.
ولعل أهم ما أثار اعجابي في المسار الدراسي لهذه الشابة التي تنبض دينامية وحيوية، اقتناعها خلال تداريبها الميدانية سنة 2011 في خضم ثورات الربيع العربي،أنها لم تخلق للعمل الديبلوماسي ،حيث تُتخذ القرارات وتحدد التوجهات السياسية والاجتماعية للبلد من مقعد المتفرج المريح ،بدل المشاركة الفاعلة في صنع الحدث ،والمساهمة الفعلية في تنمية المجتمع وتطويره.لذلك وعوض أن تتشبث بالامتيازات المادية والمعنوية التي أتيحت لها خلال عملها في بلاد المهجر، لم تتردد لحظة في الالتحاق ببلدها المغرب ،بمجرد ما تمت المناداة عليها من طرف دوائر القرار المغربية ،بعد أن تناهت إليهم أخبار تفوق وتميز هذه الطالبة المغربية الأصيلة.وهي تعمل الآن في ديوان رئيس الحكومة الأستاذ عبد الاله بنكيران ،مسؤولة عن ملفات التعاون الدولي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
وإذا كان لي أن أستحضر بتركيز شديد أهم الخلاصات التي تقاسمتها لمياء مع جمهور التلاميذ الحاضرين فيمكنني أن أسردها في شكل نقاط آتية:
– إن سنوات الدراسة بالتعليم الثانوي محطة أساسية للتكوين الذاتي وتوسيع آفاق المعارف والثقافة العامة.
– إن الوعي المبكر بالمسارات التعليمية والمهنية التي ينبغي اختيارها أساسي في بناء المشاريع الشخصية للتلاميذ.
– إن التوجه نحو الشعب الدراسية التي تحقق ذات التلميذ وتراعي قدراته المعرفية وتشعره بالمتعة هو الأسلم عوض الانصياع لرغبات يمليها الأقران أو المحيط الأسري.
– إن الحظوظ يمكن أن تكون متساوية بين التلاميذ متى ما كان هناك استعداد مسبق لاقتناص الفرص المتاحة واستغلالها لصالح مساراتنا الشخصية.
– إن الرهان الأساسي المساعد على النجاح في الحياة الدراسية لا ينبغي أن يكون رهانا ماديا ضيقا،بل لا بد أن يستحضر الأبعاد الروحية والفكرية والاجتماعية للسعادة التي يمكن تحقيقها في الحياة عموما.
– إن تحقيق الذات بشكل متميز ،يمكن أن يتم من خلال اعتبار الحياة فرصة جميلة ينبغي استغلالها لنشر الفرح وتعميم الخير على الآخرين.
– إن استثمار توجيهات ونصائح الأساتذة مهم جدا في بناء الذات قبل تحقيق الاستقلال الذاتي خلال سنوات التعليم العالي.
– إن الإيمان بالكفاءات والقدرات الذاتية ،والثقة في النفس،ووضوح الرؤية للمستقبل الدراسي والمهني مبادئ أساسية في طريق التميز والتفوق.
– إن الوعي بمكونات الهوية المغربية ،اللغوية والثقافية والتاريخية للتلميذ،والعمل على استيعاب هذه المكونات وتعميق البحث بصددها اساسي في استشراف آفاق الكونية.
– إن جهود المدرسين مهما بدت في كثير من الأحيان محفوفة بمشاعر الإحباط واليأس أمام تلامذة لا يصدرون في تصرفاتهم عن وعي وروح مسؤولية،هي عمل في العمق لا تظهر نتائجه على المدى القريب،مثل زراعة بورية تنتظر الظروف المناخية المناسبة كي تثمر..أو مثل سحابة جاحدة قد تمطر بعيدا في حقول الآخرين.
تلكم فقط بعض العناصر التي احتفظت بها ذاكرتي ،لكن ما سيظل راسخا في بالي هو أن النظام التعليمي يعتبر مسؤولا عن نجاح أو إخفاق أبنائنا بغض النظر عن محتويات البرامج الدراسية أو عن اللغة التي يلقن بها،متى ما رافق الدراسة تأطير وتوجيه يمكن المتعلمين من فرص الاختيار والتعبير عن الذات وأخذ المبادرة. فكلما كان هذا النظام يسعى إلى فتح الآفاق المعرفية والتربوية أمام التلاميذ ، ويمنحهم فرص التعبير عن ذواتهم باعتبارهم ذواتا مستقلة ومتميزة ، كلما ساهم ذلك في تفتق قدراتهم الخاصة ، وتمظهرها في شكل إنجازات نوعية لافتة.
فعلى الرغم من أن لمياء نتاج نظام تعليمي فرنسي وأمريكي،فإنها لم تتنكر لهويتها المغربية ولجذورها الثقافية والتاريخية ،وآمنت بالدور التنموي المنتظر منها ،لذلك وضعت تجربتها الأكاديمية والمهنية في خدمة بلدها،وتقاسمت بروح مواطِنة عالية ، قصة نجاحها مع تلامذة مؤسستها،عساها تكون لهم خير حافز على المثابرة والتحدي،لتحقيق الأفضل والأجمل.

د.محمد حمود

أستاذ باحث في علوم التربية

hamod

About the Author

-

laissez un commentaire

XHTML: You can use these html tags: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>